الاقتصاد المعرفي

بقلم: الدكتور/ عبداللطيف العزعزي - دكتوراه في الاقتصاد.

تاريخ النشر: 29/5/2022 - الإمارات.

قبل الحديث عن الاقتصادي المعرفي أردت شرح نقطة أراها مهمة في هذا الموضوع وهي تشكل هرم المعرفة الذي يساهم في تحقيق الاقتصاد المعرفي. فهرم المعرفة يتكون من أربعة عناصر حيث يبدأ من قاعدة الهرم بالبيانات التي تشمل الرموز العددية والصور والحقائق التي لدى المنظمة الاقتصادية، ثم يليها عنصر المعلومات التي تشكلت من البيانات، ثم تليها تشكل المعرفة الناتجة عن التراكم المعلوماتي، وينتهي الهرم المعرفي بالحكمة وهي ما يمكن أن أقول عنها الخبرة والقوة المعرفية الاقتصادية، ولكن ليس كل تراكم معرفي حكمة، فهذا الأمر يحتاج لتدقيق وتحليل وتقييم لمفردات وتراكيب المعلومات، كما أن ليس كل المعلومات ذات قيمة أو فائدة، ولذا على المنظمات الاقتصادية  انتقاء المعلومات والمعرفة التي تناسب معها ومع مجالها والتي قد تساهم في تحقيق التقدم والتطور والريادة لها، ويمكن استخدامها في معرفة الواقع والحقائق واتخاذ القرارات واستشراف المستقبل.

ظهر مصطلح اقتصاد المعرفة في بداية الستينيات، حيث يرجع الفضل في ذلك إلى الاقتصادي (Machlup) في عام 1962، وقد تزايد اهتمام الباحثين طوال العقود الأربعة الأخيرة بهذه الظاهرة الجديدة من خلال العديد من الدراسات في محاولة لشرح وتحديد الآليات التي كانت وراء جعل الاقتصاد يرتكز على المعرفة التي أصبح لها أهمية بالغة، وقد برزت خلال هذه الفترة عدة مقاربات ومناهج أصبح من خلالها اقتصاد المعرفة إستراتيجية أساسية تتبناها العديد من الدول لتحقيق التنمية. 

يرى المجلس البريطاني للأبحاث الاقتصادية والاجتماعية (ESRC) بأن اقتصاد المعرفة مصطلح يستخدم من أجل وصف البنية الاقتصادية التي نشأت في مجتمع المعرفة العالمي أحيث يكون النجاح الاقتصادي مرتبطاً أكثر فأكثر بالاستخدام الفعال للأصول غير الملموسة كالمعارف والكفاءات والقدرات الإبداعية. وفي ظل اقتصاد المعرفة تحولت المعلومات إلى أهم سلعة في المجتمع، وقد تم تحويل المعارف العلمية إلى الشكل الرقمي وأصبح تنظيم المعلومات وخدمات المعلومات من أهم العناصر الأساسية لاقتصاد المعرفة، وفي ظل هذه الظروف الجديدة لم يعد الاقتصاد معنياً فقط بالبضائع أي بالتبادل التجاري للمنتجات المادية، بل ازداد اعتماده على تقديم الخدمات، وبالتالي اكتسب الاقتصاد سمة جديدة وهي إنتاج وتسويق وبيع الخدمات والمعلومات (أقطي وسلاف وآخرون، 2016، ص ص: 171-172).

تعد المعرفة ثروة لا تفنى، فهي قائمة ما دام العقل البشري قادراً على البحث والابتكار، لذا أضحت المعرفة عاملاً رئيسياً في بناء اقتصادات الدول، ونتج عن ذلك ظهور مصطلح الاقتصاد المعرفي، واعتبار المعرفة محركاً رئيسياً للنمو الاقتصادي. وبالفعل، يطلق على هذا العصر عصر المعرفة، وكان هذا نتيجة للتغيرات الجديدة التي شهدها العالم في شتى المجالات، وما أحدثته ثورة التكنولوجيا والمعلومات والاتصالات من تطور سريع على نطاق واسع، فأصبحت القدرة على الإنتاج والتقدم تعتمد على القدرة على الإبداع والابتكار، وتحويل البيانات إلى المعلومات، والمعلومات إلى معرفة، ثم تحويل هذه المعرفة إلى منتج متميز (سلع أو خدمات). وكما يبدو فإن الدور الذي أصبح للمعرفة في توليد الثروة وزيادتها وتراكمها من خلال الإسهام في تحسين الأداء، ورفع الإنتاجية، وتخفيض كلفة الإنتاج، أدى إلى ظهور الاقتصاد المعرفي، الذي يتطور بسرعة، وتتجذر مبادئه وتتوسع في مواجهة الاقتصاد التقليدي الذي يعتمد على الموارد الطبيعية (باطويح، 2021).

المرجع: كتاب “من الابتكار إلى الريادة” للدكتور/ عبدالطيف العزعزي (لم ينشر بعد).

مقالات ذات صلة