إدارة الابتكار في عالم متغير

بقلم: عمرو زكريا عبده - خبير اقتصادي والرئيس التنفيذي لشركة مدارك للمشروعات.

تاريخ النشر: 6/6/2022 - الإمارات.

الابتكار هو العامل الذي يمكن أن يصنع حال شركة بحيث تصبح بارزة ويدفعها إلى الأمام ويساعدها على النمو وتوسيع أسواقها. لكن هناك أوقات يكون فيه الابتكار وكأنه صراع، كالوقت الذي يعيشه العالم الآن وفيه متغيرات متسارعة ناتجة عن عوامل عدة أهمها تفشي جائحة كرونا وغيرها والتغييرات التي ستُنج عنهما.

لكن لتسهيل التفكير حيال الابتكار، هنالك إطار عام مكون من خمس أضلاع يمكن استخدامه ويتضمن الآتي:

أولاً: وضع خطة للعمل والالتزام بها:

أحد أكبر أسباب صعوبة الحفاظ على الابتكار للشركات هو عدم وجود خطة واضحة لما تحاول هذه الشركات تحقيقه. بدون خطة، سيكون عملك مجرد إطلاق نار في الظلام. هذا لا ينطبق فقط على الابتكار إنه ينطبق على جميع جوانب إدارة الأعمال التجارية. يجب أن تكون لديك فكرة واضحة عن الأشخاص الذين تستهدفهم، وكيف ستصل إليهم، وما الذي تحاول تحقيقه. مع وضع ذلك في الاعتبار، قد يكون من الجيد وضع خطة استراتيجية عمل. هذه خطة مكتوبة لما تحاول تحقيقه في نشاطك التجاري خلال السنوات القليلة المقبلة. سيُعلمك بالضبط إلى أين يتجه نشاطك التجاري وكيف سيصل إلى هناك. ستتيح لك خطة استراتيجية العمل معرفة أين تحتاج إلى تركيز وقتك وطاقتك عندما يتعلق الأمر بالابتكار.

ثانياً: تجربة أفكار جديدة في مشاريع صغيرة:

سبب آخر يجعل الشركات تعاني من الابتكار هو ربما محاولة الإدارة أن تحدث تغييرات كبيرة وتطالب بنتائج كبيرة في فترة وجيزة، مما يضع ضغطاً كبيراً على الكادر البشري، الثروة الحقيقية للشركات. بدلاً من محاولة الخروج بأفكار جديدة لمجموعة من المشاريع المختلفة، قد يكون من الأفضل التركيز على عدد قليل من المشاريع الصغيرة. هذا لا يعني أنه يجب على الإدارة تجاهل المشاريع الأكبر. هذا يعني فقط أنه يجب على إدارة الشركات تركيز انتباهها على عدد قليل من المشاريع الصغيرة في وقت واحد، ثم الانتقال إلى المشاريع الأكبر بمجرد أن تكتسب بعض الزخم مع المشروعات الأصغر. سيساعد هذا في إنجاز المزيد مع الحفاظ على روح فريق العمل ليبدع بأفكار جديدة ومبتكرة.

ثالثاً: الإبقاء على الاطلاع بآخر أخبار المجال:

عندما يتعلق الأمر بخلق ثقافة الابتكار بين الموظفين والمدراء، فمن المهم أن تظل الإدارة على اطلاع بأحدث أخبار مجال عمل الشركة، ما يركز عليه قادة ورواد المجال حالياً، والاتجاهات البادرة في الوقت الحالي. هذه اليقظة ستمنح الإدارة نظرة ثاقبة حول ما تنوي المنافسة القيام به، مما يساعد على البقاء في صدارة المجال. يمكن البقاء على اطلاع بأحدث أخبار الصناعة من خلال طرق مختلفة منها قراءة مدونات ومجلات المتعلقة بمجال الشركة، أو متابعة خبراء المجال على وسائل التواصل الاجتماعي، أو حتى التحدث إلى الآخرين في مجال عمل الشركة. أهمية ذلك تكمن في ضرورة معرفة كل شيء عن مجال الشركة وما يحدث فيه للبقاء في الصدارة أو على الأقل في مضمار المنافسة.

رابعاً: المرونة في التعامل مع النتائج الأولية لاستراتيجية الابتكار:

عندما يتعلق الأمر بالابتكار، من المهم أن تكون الإدارة مرنة في استراتيجياتها. يجب أن تكون الإدارة منفتحة على تغيير استراتيجياتها عندما لا تنجح، أو عند اكتشاف طريقة أفضل للقيام بشيء ما. هذا لا يعني أنه يجب عليها التخلي عن استراتيجياتها عندما لا تنجح على الفور. بدلاً من ذلك، يجب عليك التحلي بالصبر والمثابرة والاستعداد لإدخال أفكار وأشخاص جدد والمحاولة مجدداً. وتذكر مقولة توماس أديسون الذي قال "أنا لم أفشل، لكني قد تعلمت 10000 طريقة لن تعمل"، ويقصد محاولاته الفاشلة في ابتكار المصباح الكهربائي والذي نجح في ابتكاره بعد عشر آلف محاولة.

خامساً: الاحتفال بالمكاسب مهما كانت صغيرة:

من المهم أن تحتفل الإدارة بمكاسب فريق العمل وأفراده مهما كانت صغيرة. لن يؤدي ذلك إلى تحفيز فريق العمل فحسب، بل سيساعد أيضاً في الحفاظ على تدفق الأفكار المبتكرة في للشركة. لابد أن يعي فريق العمل أن الإدارة تقدر عملهم الشاق وأنها تدرك وتقدر متى قاموا بعمل جيد. سيساعد ذلك في الحفاظ على تحفيز الموظفين وسعادتهم لكونهم جزءاً من الشركة. سيساعد ذلك أيضاً في الحفاظ على تنشيط وتركيز عقولهم الإبداعية عندما يتعلق الأمر بالابتكارات المستقبلية.

وأخيراً، على الإدارة أن تعي أن الابتكار لا يحدث بين عشية وضحاها. يستغرق الأمر وقتاً وجهداً والكثير من العمل الشاق من جميع المعنيين. لأن الابتكار ثقافة يجب زرعها ومن بعد ذلك تنميتها في نفوس كل فرد من فريق العمل. نعم، سيحتاج الأمر وقت ومجهود، لكن النتيجة ستكون الفرق بين الصدارة أو الخسارة في المنافسة.

 

مقالات ذات صلة