بقلم: الدكتور/ عبداللطيف العزعزي - دكتوراه في الاقتصاد.

تاريخ النشر: 30/5/2022 - الإمارات.

روج بعض الناس لمفهوم لا يأتي بخير، فآمن به كثيرون، حيث قالوا أن الموظف عبد والمدير عبد كبير وكبير العبيد، وشجعوا الناس على ترك الوظائف والدخول في التجارة، وقد وصل الحال ببعض هؤلاء المروجين أن أحد مسوقي التسويق الشبكي ظهر في فيديو له على اليوتويب وهو يستهزء بالموظف ويصفه بأوصاف لا تليق. هذا المفهوم وما يقوم به مسوقوه كانت نتائجه أن تركزت مشاعر كثير من الموظفين حول الشعور بالعبودية، فضاقت صدورهم وقلت همتهم وحماسهم ورغبتهم في العمل فأصبحت المهام التي تقاضوا عليها راتباً من أعمال العبودية، ونتيجة لذلك تثاقلت الأجساد وقل الإبداع وأصبحت طلبات المدراء عبارة عن أوامر كأوامر السادة للعبيد، ومنهم من قدم استقالته وأخذ طريق التجارة دون هدى، دون أن يحسب لها حساب، فمنهم من نجح وكثير منهم تعثروا وفشلوا لعدم خبرتهم الجيدة في مجال التجارة، وما دعاهم إلى دخول التجارة هو هروبهم من مشاعر العبودية التي زرعها مروجوا ذلك المفهوم المغلوط.

عزيزي القارئ، هل تعرف متى ينتاب الإنسان الشعور بالعبودية وهو موظف؟ عندما يقوم بإنفاق كل راتبه فيما هو ضروري وغير ضروري ولا يبقي له درهماً واحداً في حسابه، بل وتبقى له حاجات غير ملبية وهو لا يملك ما يدفعه لتلبيتها، فهو الذي ينفق راتبه فيما ينفع وفيما لا ينفع، هو من يلعب بكل درهم يستلمه، وهو من يعيش حالة المتعة اللحظية ويعيش القلق في نهاية كل الشهر يترقب نزول الراتب، ولا يدخر من راتبه للمستقبل شيئاً ولم يفكر في تكوين رأس مال لاستثماره في المشاريع الاستثمارية. 

الموظف يمكن أن يكون ثروة تراكمية، وممكن أن يكون رأس مال بقدر معين يمكنه من تأسيس مشروعه التجاري أو الريادي، فكلما ادخر جزءاً من راتبه استطاع به أن يدعم مشروعه ويكبره، ومع السنوات يكون قد أوصل مشروعه لمرحلة تحقيق المكاسب التي تمكنه أن يقدم استقالته ويتفرغ لمشروعه الريادي بكل أريحيه إن رغب في ذلك. عزيزي رائد الأعمال ادخر ولو بالقليل من المال ولا تستهين بكمية ما تدخر، فالدرهم ينصع الشعر دراهم، والعشرة دراهم تصنع المئة درهم والمئة درهم تصنع الألف درهم وهكذا يتكون لديك رأس مال يساعدك في أن تكون رجل أعما أو رائد أعمال، بعد توفيق الله.

المرجع: من كتاب “إدارة الإنفاق وتكوين الثروة” للدكتور عبداللطيف العزعزي (لم ينشر بعد).